هل أصبحت الجالية التونسية المقيمة في قطر عبئا على الدولة؟

كتب: عامر بوعزة

الماكينة عادمة… العبارة التي ينبغي أن تتوقعها دائما عندما تتجه إلى مقر الشؤون القنصلية الملحق بمبنى السفارة التونسية في الدوحة لتجديد جواز سفر انتهى أجله ولا بد منه لقضاء العطلة الصيفية في تونس…
هذه العبارة إذا وضعناها في إطارها الصحيح سنجد أنها صفعة أو لعنة يستقبلك بها الوطن الذي تحبه وتهفو إلى العودة إليه لمجرد أنك تطالب بحقّ من أبسط حقوق المواطنة.
‘الماكينة عادمة’، عبارة تختزل كل أمراض البلاد، وتكثفها في شكل رصاصة صغيرة تغتال الحلم وتطفئ الابتسامة، يطلقها في اتجاهك موظف أرهقه الازدحام وأنهكته الفوضى. وهكذا يتحول مبنى الشؤون القنصلية الذي يرفرف فوقه العلم التونسي والكائن في أحد أفخم أحياء الدوحة المدينة الأكثر رفاهية، ثقبا أسود يبتلع كل المشاعر والأحاسيس الإيجابية التي تطرأ على النفس والخاطر عندما يقترب موعد العطلة..
في غياب أرقام رسمية دقيقة ثمة حقائق مؤكدة يعرفها القاصي والداني أهمها أن عدد العمال التونسيين في دولة قطر تضاعف ثلاث مرات خلال العشر سنوات الأخيرة، وأن هؤلاء ليسوا كلهم من أصحاب الوظائف العليا والمهن ذات الأجور الكبيرة، كما إن عددا كبيرا من الوافدين على دولة قطر من تونس يأتون خارج أي علاقة تعاقدية جدية، ما يجعلهم «عاطلين عن العمل» في بيئة لا توفر مواطن الشغل بسهولة.
علاوة على أن لهذه الجالية جيلا ثانيا ينبغي ألا يفقد أبدا صلته بالوطن. وهذه كلها قضايا ينبغي أن تطرح على أنظار السلط العمومية الممثلة للدولة التونسية، ومن الغريب أن يظل مقعد السفير شاغرا لأكثر من عام كامل فيما تظل مصالح المواطنين ومشاغلهم تتراكم أمام موظفي القنصلية دون أن يكونوا قادرين على حلها بالنجاعة المطلوبة..
هل أصبحت الجالية التونسية المقيمة في قطر عبئا على الدولة؟ وما الذي يبرر حقا هذه اللامبالاة التي تمارسها الحكومة إزاءهم وقضاياهم حقيقية وشائكة؟ إن ارتفاع أسعار تذاكر السفر إلى تونس على متن الخطوط الجوية القطرية يعتبر مشكل الساعة الذي يكتوي بناره كل تونسي يتأهب لقضاء العطلة على أرض الوطن، فالسياسة التجارية لهذه الشركة التي تعتبر من أقوى شركات الطيران في العالم لا تعبأ بالعوامل الاجتماعية والمؤثرات الخاصة، وكان يمكن للحكومة التونسية أن تفاوض لتمكين الناقلة الوطنية من الاشتغال ولو مؤقتا على هذا الخط صيفا حتى تمكن التونسيين من العودة بأسعار مقبولة، لا سيما أن عودة التونسيين بالخارج إلى بلادهم في الموسم الصيفي من العوامل المنشطة للسياحة الداخلية ومورد من أهم موارد العملة الصعبة، وقد كان من المتوقع أن يهتم بهذا الجانب وزير النقل التونسي الذي زار الدوحة مؤخرا، لكن كم كان مخيبا للآمال أن تقتصر زيارته على معاينة ميترو الدوحة وما أنجزته دولة قطر في مجال النقل البري والحديدي والتباحث مع نظيره القطري حول آفاق التعاون الثنائي (والقضايا ذات الاهتمام المشترك)!!!
إننا ندعو من هذا الموقع كل من يهمه الأمر إلى الاهتمام بشؤون الجالية التونسية المقيمة في دولة قطر والتعامل مع قضاياها بما يكفي من الجدية، إن لم يكن امتثالا لنداء الواجب المحمول على الدولة إزاء مواطنيها، فعلى الأقل اعترافا بأهمية الدور الذي يقوم به التونسيون في الخارج في دعم الميزانية العمومية، حيث تؤكد الأرقام أن تحويلاتهم المالية تضاعفت رغم الأزمة المعقدة التي يتخبط فيها اقتصاد البلاد.. أكثير إذن أن يرفع أحد المسؤولين بالعاصمة التونسية السماعة ليجيب عن تساؤلات موظف في القنصلية لا يستطيع تجديد جوازات السفر لأن ماكينة البلاد عادمة؟

المصدر : الصريح

Load More Related Articles
Load More By Assarih

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *