مهدي بن عبد الجواد لـ”الصباح نيوز”: الدستور نتاج استقطاب حاد بين سعيد وخصومه.. والفصل 90 قد يقود إلى رئاسة مدى الحياة .. !

كعادته ،كان مهدي  بن عبدالجواد عضو المكتب التنفيذي بحركة “عازمون” واقيعا ،خلال اتصال مع “الصباح نيوز” حول قراءته الأولية للدستور الجديد ،تماهيا مع واقعية وبراغماتية حركة “عازمون ” حيث اعتبر أن أهل الاختصاص من أساتذة القانون الدستوري قد قدموا قراءاتهم وملاحظاتهم ومآخذهم لكن سياسيا يبدو أننا دخلنا ،من منظور بن عبدالجواد ،في مرحلة صعبة فبالإضافة إلى أن الدستور دون الانتظارات فإن الإشكال الأكبر أننا نتحدث عن الدستور في وقت تعيش فيه البلاد ظروفا صعبة اقتصاديا ومعيشيا  وهناك تحذيرات من البنك الدولي للبنوك التونسية  و”نحن بصدد مناقشة دستور “،على حد تعبير مهدي بن عبدالجواد الذي قدم لـ”الصباح نيوز” قراءة   قال ‘نها ملاحظات سريعة

 وقال أيضا “التوطئة بصراحة لا تحتاج تعليق”…. وهذا ما جاء في جملة ملاحظات عضو المكتب التنفيذي “لحركة عازمون” :

“لا بُدّ من التذكير بكون “النقاش العام” حول الدستور أمر ضروري ومحمود، وإن كُنّا نتمنى انه انطلق منذ مدة طويلة، وأنه كان من الأصوب أن “المشروع” كان نتيجة حوار وطني تشاركي، يُجسّد فعلا مفهوم الدستور باعتباره “تعاقدا اجتماعيا”.

كما لا يجب أن ننسى مسألتين مهمتين، الأولى تتعلّق بالسياق العام الذي وُلد فيه الدستور وهو سياق سمته استقطاب حاد بين قيس سعيد وخصومه، وموضوعه دستورية الإجراءات ومدى احترام الرئيس أو خروجه عليها. ولذلك فإن استقبال مشروع الدستور كان خاضعا بدوره لهذا الاستقطاب، فأنصار الرئيس هلّلوا واستبشروا أما خصومه من النهضة وجبهة الخلاص وعبير موسي فقد رفضوه، عملا بمقولة الشيخ بن مراد “دُفعة على الحساب قبل قراءة الكتاب”.

وأما المسألة الثالثة، فهي كون مشروع الدستور الذي تم نشره البارحة، ليس غير وسيلة يتمّ من خلالها الذهاب للاستفتاء حول “صاحب النص” وليس حول النص ذاته. فيوم 25 جويلية، سيكون السؤال الجوهري الحاضر في أذان التونسيين، هل أنت مع قيس سعيد ومشروعه؟ ام ضد ذلك؟

غياب التنصيص على مدنيّة الدولة، مقابل التنصيص على عمل الدولة على تحقيق مقاصد الاسلام (ومنها حفظ الدين والعرض)، يفتح باب التأويل الديني على مصراعيه، ويُصبح الأمر مُثيرا للهواجس في علاقة بالحريات الأساسية الفردية والجماعية. وليس هناك تأكيد على الطابع الديمقراطي المدني للدولة، فرغم انه تمت المحافظة على أغلب فصول الحقوق والحريات التي جاءت في دستور 2014، فلم تتم الإحالة على كونية حقوق الإنسان ولا على المواثيق الدولية، وتضعف قوتها لغياب الفصل بين السلط وضمانات استقلالية القضاء.

الأحكام الانتقالية تضمن لسعيّد

مواصلة احتكار السلطة التشريعيّة

من خلال الفصل 58 المتعلّق بالترشح لعضوية مجلس نواب الشعب وهو “حق لكل ناخب ولد لأب تونسي أو لام تونسية وبلغ من العمر 23 سنة كاملة يوم تقديم ترشحه” دون التنصيص على طبيعة  الانتخاب العام والمباشر مثل الرئيس، يعني من المُمكن أن يكون بالاقتراع او بطريقة مزدوجة، ومنها يتسلل إلينا البناء القاعدي. ويبدو أن السكوت على ذلك علامة على كون قيس سعيد ماض في مشروع بنائه القاعدي.

 فمشروع الدستور لم يكتف بدسترة سحب الوكالة من النواب، ولكنه سكت/حذف أيضا شرط الانتخاب المباشر لمجلس نواب الشعب،  والاقتراع غير المباشر وعلى الأفراد للبرلمان سيجعل المجلس ضعيفا، خاصة وأن الرئيس حاصره بمجلس الجهات والأقاليم. وهذا دليل واضح على نيّة مبيّتة لتنزيل البناء القاعدي عبر مرسوم القانون الانتخابي، خاصّة وأنّ الأحكام الانتقالية تضمن لسعيّد مواصلة احتكار السلطة التشريعيّة بما فيها في المادّة الانتخابيّة.

نظام رئاسوي ..وغياب لنظام السلط المضادة

النظام السياسي رئاسوي صرف، فالرئيس يتحكم في السلطة التنفيذية، ولا يمكن للبرلمان سحب الثقة من الحكومة إلا في حال مخالفتها الدستور!!؟ أي في حال “الخيانة”، ولا يتمّ ذلك إلا بأغلبية ثلثي الغرفتين البرلمانيتين. أمّا الرئيس، فلا يمكن عزله ولو خرق الدستور خرقا جسيما.

كما لا يتحمّل الرئيس أية مسؤولية سياسية، مقابل مسؤولية الحكومة والمجلسين. بل إن للرئيس حق الاستفتاء المباشر في علاقة بمشاريع القوانين وحتى بتنقيح الدستور. يعني أن الرئيس يتجاوز صلاحيات الجميع ويستغني عنهم.

وتغيب في مشروع الدستور نظام السلط المضادّة، فالسلطة صارت وظائف ضعيفة وليست بها شرعية انتخابات ، مقابل سلطة شرعية قوية المشروعية لدى الرئيس، رغم أن الحكومة هي فعليا تمارس السلطة التنفيذية عبر الإدارة والأجهزة الصلبة الأمنية، أليس ذلك أيضا تهميشا للحكومة وإضعافا لسلطتها “القهرية” التي يستوجبها إنفاذ القانون؟

كما ان ضمانات استقلال السلطة القضائية غائبة، وغياب الضمانة المؤسساتية التي هي المجلس الأعلى للقضاء.

نفس الشيء بالنسبة للهيئات « المستقلة »، إذ لا ينصّ مشروع الدستور على طريقة تعيين أعضائها، مما يفتح الباب أمام تعيينها مباشرة من رئيس الجمهورية كما حصل الآن. كذلك المحكمة الدستورية، التي تتكون حصرا من قضاة حسب الأقدميّة. كلّ هذا يعزّز الطابع الرئاسوي للنظام.

بالنسبة الى الفصول 102، و112 و115 و116 فهي تعني أنه  لا سلطة لمجلس نواب الشعب على الحكومة..

-تكرار في الفصلين 60 و63

-الفصل 90 قد يقود إلى حكم مدى الحياة.”

والملاحظ أن شقا من السياسيين لم يعد يهمهم مناقشة صيغة الدستور ومحتوياته بقدر ما تهمهم مسائل أخرى حياتية في علاقة بالأمور المعيشية وبالنهضة الاقتصادية للخروج من عنق الزجاجة على غرار حركة عازمون التي قدمت عدة حلول عملية تعود بالنفع اقتصاديا واجتماعيا على البلاد وخاصة منها المتعلقة بتحلية المياه وتوليد الطاقة ..

وقد أصبحت القناعة الراسخة لدى شق من الطيف السياسي أن باب الحريات في الدستور ..ومسالة نظام الحكم لم يعد أولوية في ظل المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية وفي ظل تأزم الوضع العام اقتصاديا واجتماعيا ..

عبدالوهاب الحاج علي

المصدر : الصباح نيوز

Load More Related Articles
Load More By Assabah News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *