منها خسارة 50 مليون يوم عمل في السنة و112 ألف مربي مباشر مهددون.. منظومة الألبان تغرق في الصعوبات

* مليار لتر من الحليب الاستهلاك السنوي ..فماذا لو توردها الدولة ؟

كشف منور الصغيري مدير إدارة الانتاج الحيواني بالإتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري أن منظومة الألبان تمر  بأزمة خانقة في جميع مستوياتها إنتاجا وتجميعا وتصنيعا وفق ما كشفته دراسة أعدت في الغرض أكدت أن تدخل الدولة لانقاذ الوضع أكثر من ضروري من أجل الحفاظ على المنظومة..

ويذكر، وفق ما أثبتته الدراسة،أن الأزمة الخانقة ناجمة أساسا عن  الارتفاع المشط لمدخلات الانتاج وتدني المردودية الاقتصادية لنشاط تربية الأبقار الحلوب وبقية أنشطة التجميع والتصنيع، حيث سجلت مدخلات الانتاج ارتفاعا جنونيا في مستوى جميع حلقات المنظومة

 إذ شهدت الفترة المتراوحة بين شهر أفريل 2021 (تاريخ آخر تحيين لتسعيرة الحليب) وشهر ماي 2022 ارتفاعا في أسعار مكونات الإنتاج وفق ما أثبتتها الدراسة والتي جاءت  :

-الأعلاف المركزة  بحوالي 19.5 %

-الأعلاف الخشنة بحوالي 20%

-المحروقات بحوالي 16.8%

-التعليب بحوالي 10.4%

– اليد العاملة بحوالي  11.3 %

-وسائل نقل الحليب في حدود 20 %

-تسجيل انهيار الدينار مقابل الدولار الأمريكي بحوالي 9 % .

في حين بقيت أسعار الحليب مستقرة في جميع المستويات إلى جانب التأخير المسجل في خلاص مستحقات مركزيات الحليب ومراكز التجميع المتخلدة لدى الدولة بعنوان التجميع والاستغلال والتخزين والتي تجاوزت 300 مليون دينار والذي أصبح يمثل عائقا أمام المؤسسات المذكورة في الإيفاء بتعهداتها تجاه المربين.

وقد أثرت الصعوبات المذكورة على توازنات المنظومة من خلال تحليل عدد من المؤشرات أبرزها الإنتاج الذي تراجع بأكثر من 20 % وتدهور جودة الحليب بكافة مناطق الانتاج وأساسا التي تعتمد النمط غير المندمج والتي توفّر حـــوالي 60 % وأيضا الكميات المجمعة من قبل مراكز تجميع الحليب ومخزون الحليب لدى المركزيات حيث تشهد هذه المؤشرات تراجعا ملحوظا من سنة إلى أخرى ..

انعكاسات وخيمة لانهيار المنظومة 

بالإضافة كشف الواقع والدراسات القطاعية أن   الأزمة ،في جزء كبير منها ، نتيجة حتمية لسياسات الأسعار والدعم والحوكمة في المنظومة والتي يتم من خلالها تحديد سعر المنتجات في حين إن” أسعار مختلف المدخلات حرة ولا تخضع للتسعيرة . إلى جانب تأثير عوامل أخرى تتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية وتتالي سنوات الجفاف ببلادنا وغيرها.”

وعليه ،ومن خلال مختلف المعطيات، فإن ممثلي حلقات الإنتاج والتجميع والتصنيع يؤكدون على أن المنظومة تواجه خطرا كبيرا لم يسبق ان عرفته وقد أصبح يهدد ديمومتها وسينسف كل الجهود التي بذلت لتركيزها والاستثمارات التي شملت الانتاج والتجميع والتصنيع وخلق موارد رزق لعدد كبير جدا من التونسيين خاصة أن المنظومة توفر أكثر من 50 مليون يوم عمل في السنة، إلى جانب تمكين المستهلك التونسي من حليب محلي بأسعار مناسبة، مقارنة مع الأسعار العالمية والأسعار في دول الجوار ( حوالي 3 د للتر الواحد من الحليب المعقم النصف دسم بكل من الجزائر وليبيا والمغرب)

ماذا لو تورد الدولة  مليار لتر من الحليب  كل عام ؟

وحذر ممثلو حلقات الانتاج من أن انهيار المنظومة ستكون له انعكاسات اقتصادية واجتماعية خطيرة جدا منها مغادرة مناطق الإنتاج والنزوح إلى المدن الكبرى وما يمثله ذلك من خطر  في جميع المستويات بما في ذلك الجوانب العمرانية والأمنية كما أن توريد هذه المادة الأساسية سيكلف الدولة أموالا طائلة نظرا لفارق الكلفة.

من جهة أخرى يتمسك ،حسب ما ورد في دراسة اتحاد الفلاحين، ممثلو  حلقات المنظومة تمسكهم بمطالبهم المتمثلة في ما يلي :

1))   اعتماد مبدأ ديناميكية الأسعار المضمن بميثاق الشراكة للنهوض بقطاع الألبان وإقرار زيادة لسعر الحليب في جميع مستويات حلقات المنظومة.  وفي هذا الشأن يقترح أن يتمّ الترفيع في السعر بصفة تدريجية لبلوغ حقيقة الأسعار والحفاظ على جهاز الانتاج وتوازنات المنظومة

مع العلم أن كلفة إنتاج اللتر الواحد من الحليب يساوي 1600 مليم وسعر البيع في حدود 1140 للتر الواحد عند الإنتاج

وتقدّر الكلفة بحوالي 1855 مليما للتر الواحد في صورة العمل بالزيادة في سعر الأعلاف المركبة والتي تمّ إقرارها والتراجع عنها خلال شهر ماي 2022 والتي بلغت 300 د/الطن.

وجدير بالتذكير بأن سعر الحليب على مستوى الانتاج ببلدان الإتحاد الأوروبي شهد زيادة بحوالي 33.2 % خلال شهر ماي 2022 مقارنة بشهر ماي 2021 وذلك للحدّ من التأثيرات العالمية على هذه المنظومة

كما تمّت مراجعة تسعيرة الحليب على مستوى الانتاج بالمغرب الشقيق بما يعادل 430 مليما وكلها اجراءات لحماية المنتجين والحفاظ على توازنات منظومات الحليب

2))   صرف المستحقات المتخلدة لدى الدولة بعنوان التجميع والاستغلال والخزن والتي يتجاوز مجموعها 300 مليون دينار منها حوالي 260 مليون دينار منحة استغلال. واعتبارا للظروف الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد يمكن صرف 50 % من المستحقات بصفة استعجاليه وضبط جدول زمني لخلاص باقي المبالغ خلال الستة أشهر المتبقية من سنة 2022. خاصة أن كلفة الاقتراض من البنوك أصبحت لا تحتمل وتزيد من خسائر مركزيات الحليب وتدفعهم إلى عدم الإيفاء بتعهداتهم تجاه مراكز تجميع الحليب والمربين.

3))   تفعيل ميثاق الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص للنهوض بمنظومة الألبان، وللعلم فإن الميثاق تم إمضاءه منذ شهر أفريل 2019 ولم يتمّ تفعيله ويشمل عديد الإجراءات الهامة أبرزها:

*      إحداث صندوق للنهوض بالمنظومة يتمّ تمويله من المهنة

*      اعتماد ديناميكية الأسعار

*      النهوض بقطاعات الأراخي والأعلاف والتبريد بالضيعة

4))   توجيه الدعم نحو حلقة الإنتاج بما يسمح بتطوير الانتاج وتحسين المردودية الاقتصادية وجودة الحليب وتثبيت المنتجين بمناطقهم ودفع التشغيل.

 (5) دفع استهلاك مشتقات الحليب من خلال التخلي عن العمل بالأداء على القيمة المضافة الموظفة على هذه المواد 19% حاليا واعتماد قيمة مضافة غذائية لا تتعدى 7 % وسحب هذا الإجراء على مشتقات الدواجن ( الدجاج المفوح و البيض المكسر والدجاج المحوّل) كما يسمح هذا الإجراء بتحسين الصحة العامة للمواطنين ودفع الاستثمار والتشغيل والنهوض بالمنظومات والحفاظ على توازناتها . مع العلم أن هذا الإجراء تمّ تبنّيه خلال جلسة العمل الوزارية بتاريخ 17 مارس 2021 على أن يتمّ إدراجه قانون المالية التكميلي 2021 أو بقانون المالية 2022.

والمؤكد من خلال الارقام والمعطيات أن منظومة الالبان تحتاج تدخلات عاجلة وناجعة في نفس الوقت لحماية القطاع ككل وأيضا للحفاظ على ما حققه من مكتسبات خاصة أن الحلول موجودة حتى لا تزيد الدولة تماديا في تراكم ديونها لفائدة المنظومة إذ يكفي التذكير أنها مطالبة بتسديد 250 مليون دينار لفائدة مصانع الحليب كما انها في الوقت ذاته مدعوة للحفاظ على 112 ألف مربي مباشر زيادة عن ارتباط عدة قطاعات ومجالات أخرى بالمنظومة والتي توفر بدورها مواطن رزق غبر مباشرة ..

ما لا ثقل عن 3دنانير قيمة  لتر الحليب المورد

..وكشف منور الصغير مدير ادارة الإنتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري لـ”الصباح نيوز” أن اصلاح المنظومة أهم بكثير من تركها تتخبط في المشاكل والصعوبات حتى لا “تبلغ مرحلة الانهيار” ،مؤكدا على أن معالجة المنظومة أقل  كلفة بكثير من عدم المعالجة خاصة في ظل الحديث عن إمكانية توريد الحليب من الخارج لأن سعر اللتر الواحد لن يقل عن 3 دنانير مما سيكبد الدولة أموال طائلة،وبالعملة الصعبة، والحال أن كلفة الإصلاح أقل بكثير ودعم المربين مباشرة لتقليل الضغط وتحسين الانتاج ،افضل بكثير من توريد مليار لتر من الحليب سنويا بأموال ضخمة  ..  مما يعني أن المعالجة السريعة ضرورية حتى لا تزداد المشاكل والصعوبات تفاقما بما يتهدد ديمومة المنظومة الألبان المرتبطة بعدة قطاعات مجاورة توفر بدورها الاف مواطن الرزق أي أن انعكاسات تدهور أوضاع منظومة الالبان وخيمة على عدة مجالات مرتبطة ارتباطا وثيقا بها ..

إعداد :عبدالوهاب الحاج علي 

المصدر : الصباح نيوز

Load More Related Articles
Load More By Assabah News

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *