يوسف الرمادي يكتب: كم أنتِ كبيرة يا ليلى طوبال…

كتب: يوسف الرمادي

في خضمّ ما نعيشه هذه الأيام من متحمّس للطريقة التي سلكها الرئيس قيس سعيّد لترتيب البيت التونسي من ناحية لأنّ المهمّ بالنسبة له أن نتجاوز المحنة التي أبْتِليتْ بها البلاد منذ ما يُعرف بـ »الثورة” وأن نضع دستورا يمكّن الحكّام من حكم البلاد في توازن بين السُلط واحترام للحقوق الفرديّة والجماعيّة أي وضع البلاد على السكّة لتنطلق في الإصلاحات الاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تأخّرت كثيرا..

نعم تأخرت الإصلاحات كثيرا لا بسبب ما وقع في أقلّ من سنة أي منذ قرار 25  جويليّة 2021 التي مسك به الرئيس كلّ أمور البلاد ليستطيع أن يمرّ للإصلاح الحقيقي لأوضاعنا.. لكن بسبب عشر سنوات من انهاك الدولة والشعب، وذلك بمساهمة الجميع حتّى الاتّحاد العام التونسي للشغل الذي لم يعلن الإضراب العام لا في وجه النهضة التي هاجمته بشراسة للاستيلاء عليه والإعلان عن اتّحاد بديل عنه مواليا لها  ولا في وجه الشاهد ولا في وجه المشيشي بل اكتفى الاتّحاد بالفتات الذي حصل عليه من زيادات بسيطة واتفاقيات بقيت حبرا على الورق مقابل شراء سكوته على قروض أفلستْ الدولة وعَمّقتْ الوضع المعيشي للشغّالين وهي أمور تتطلّب أكثر من اضراب عام لكن لم نرى شيئا من هذا القبيل…

خطابات متشنّجة

وقد كانت قيادة الاتّحاد القائمة اليوم على حقّ حين عبّرتْ عن انحيازها الكامل لتغيّر 25 جويليّة 2021 لكن مثل العادة اختلفت الآراء في صلب القيادات المتنوّعة المشارب في المكتب التنفيذي والهيئة الاداريّة، وكانت الكلمة الأخيرة للذين يعتبرون الاتّحاد فوق الجميع وأنّ تونس لا يمكن أن تتقدّم إلّا بقيادة الاتّحاد فكانت الخطابات المتشنّجة للطبوبي والتي فيها تهيّيج نحن في غنى عنه لوضع صعب في هذا الظرف فما ضرّ لو ساند الاتّحاد توجّهات الرئيس حتّى نؤسّس لوضع دستوري يضمن استقرارا سياسيا -لا مفرّ منه -للذهاب للتنميّة الاجتماعيّة والاقتصاديّة فهل غاب عن الاتّحاد وخبرائه أن لا نهوض اقتصادي واجتماعي إلّا بوضع سياسي مستقرّ وإن كان الاتّحاد فعلا لا يرشفها لأحد(كما ردّد الطبوبي )كان عليه أن يبادر بأن يطلب من منخرطيه أن يدفعوا اشتراكاتهم مباشرة لصندوق الاتّحاد ويحقّق بذلك استقلاليته الكاملة… ويعبّر عن رفضه للتبعيّة الحقيقيّة للدولة إذ هو اليوم مَدين في تواجده للدولة وأنا إذ لا ألوم عن الطبوبي أن يتبع خطى من سبقوه  لفرض تواجد الاتّحاد في مقدّمة القوى الحيّة في البلاد فلا أرى فائدة للاتّحاد ولتونس من التشنّج الذي ظهر في المدّة الأخيرة عن الطبوبي الذي ارتاح له كلّ من لا يريد الخير لتونس بدء بالنهضة وأذيالها الذين هم كثيرون هذه الأيام وصولا إلى كلّ من يتربّص بتونس الدوائر من الداخل و الخارج…

الحل في حوار هادئ

وليعلم الاتّحاد أنّ ما يتمتّع به من حريّة واستقلاليّة سوف لن  تُفِيده في هذا الظرف الصعب الذي تعيشه تونس لأنّه بين المطرقة والسنديان في خيارين معروضين عليه أولهما هو الإصلاح السياسي الذي إن لم ينجح فقد يؤدّي بالبلاد –لا قدّر الله – إلى مالا يحمد عقباه – ونحن نعرف أنّ المتضرّر الأوّل من الفوضى و انخرام الوضع هم الشغالون والمنتمون للاتّحاد قبل غيرهم وثانيهما هو التعامل مع صندوق النقد الدوّلي حيث في الظاهر إنّ الحلّ والربط في يد الاتّحاد، لكن الواقع والطريق السوي هو أن يوافق الاتّحاد على مقترحات الحكومة بعد تفاوض غير متشنّج معها لأنّ المتضرّر الأكبر لو رفض صندوق النقد الدوّلي إقراض تونس هم الشغالون بالدرجة الأولى وقد كان الاتّحاد قد تعامل بمرونة مع كلّ الحكومات السابقة فلما هذا التشنّج اليوم؟

نعم لا يمكن أن نجعل من الاتّحاد العجلة الخامسة ولكن يجب على الاتّحاد أن لا يعتقد بأن “هو أو لا أحد” لأنّه ليس وصيّا على تونس…

موقف ليلى طوبال

 إنّ ما دفعني لهذا هو الموقف الصريح والواضح والشجاع والمتّزن والحكيم لهذه المثقفة المستقلّة التي كانت دائما فوق الشبهات ليلى الطوبال التي قرّرتْ أن تساهم في الحوار الذي ستكون له انعكاسات على تونس وعلّلتْ   مشاركتها بحبّها لتونس والوطن، فكم أنت كبيرة يا ليلى ؟

• يقولون الحديث ذو شجون فاتّضح لي أنّ للكتابة شجونها لذلك فقد قادتني المواقف الشريفة ليلى طبال لهذه الشجون حيث قالت :” نَحِبْها وعلى خاطر ما زال عندي أمل في تونس أخْرى ممكن ..الناس ألي تعْرفْني و عندها ثقة فيّا نحب نَأَكِدْلهم ألي ما فَمَّ حتّى شيء وحتى حَدْ وحتّى قوّة تَحَركْلي شعرة على مبادئي وشرفي وأخلاقي وبوصلتي كمواطنة قبل أن أكون فنّانة والتزامي بالدفاع على بلادي وعلى حُلْمَة كبيرة ماتوا على خاطرها العَزَازْ والغَالين حُلْمَة اغتصبُوها ونَحَرُوها 11سنة تحت التصفيق والتهليل إذن بَاشْ نساهم في أعمال اللجنة الاستشاريّة لكتابة دستور تونس الجديدة على خاطر بلادي التي نحبّها وعلى خاطر ما زال عندي أمل في تونس أخرى مُمْكِنة.  …وقد وَشَتْ تدوينتها بحكمة اعتمادا على مثل شعبي وأنا متحقّق أنّ من حقّ النهضة وأذنابها أن لا يفكّروا في تطبيقه لكن تمنيت لو اهتدى به الاتّحاد وبنى عليه مواقفه وجاء في هذا المثل :”شَعِلْ شمعة عِوَض أن تلعن الظلام وأنا ألعن الظلام وأشعل شمعة ليبقى الأمل ويعيش الوطن.

• ألم يكن من الأجدر بالاتّحاد الذي نعرف تاريخه ونعرف أمجاده ونعرف إنجازاته أن لا تغيب عنه وعن خبرائه هذه الحكمة أي أن يشعلوا شمعة في ليل تونس الدامس؟. وهل معنى هذا أن الاتّحاد رغم كثرة خبرائه ليس له خبير يهدي للتفكير السليم ويقود للمواقف التي فيها صالح الوطن.؟ فهل تساءل الاتّحاد لصالح من هذه المقاطعة لهذا الحوار –بما فيه-والقطيعة مع الرئيس؟ الجواب سوف لن تكون إلّا لصالح النهضة وأذنابها الذي لم يخفوا عدائهم للاتّحاد.

شكرا لنساء تونس

• لقد استمعت إلى راضية الجربي رئيسة الاتّحاد النسائي حول المشاركة في الحوار وقد كان موقفها تقريبا نفس موقف ليلى طوبال أي الابتعاد عن سياسة الكراسي الفارغة لأنّ تونس هي التي دعتْ للإنقاذ واعتبرت الاستجابة واجب وطني لأنّه لا يمكن لمنظّمة في عراقة اتّحاد النسائي الذي ساهم في بناء مجتمع ودولة الاستقلال أن تبقى متفرّجة وتنتهج سياسة الكراكي الشاغرة بادعاءات مهما كانت وجاهتها فلا يمكن أن تكون أهمّ  من الاستجابة لدعوة الهدفُ منها إصلاح أوضاع البلاد المتعفّنة بشهادة الجميع.  
• فشكرا لنساء تونس على هذه القدرة على التفريق عند الحاجة بين ما ينفع تونس وبين ما قد يأخذها للظلام .
• وإنّي أدعو الوطنيّين المخلصين وفي مقدّمتهم الاتّحاد العام التونسي للشغل أن لا يفرّط في مكتسبات الاتّحاد وهي مساهمته في بناء مستقبل تونس وأن لا يقطع يد السارق قبل أن يسرق وأن يتواجد ليُنبّه الشعب لكلّ محاولات الاستيلاء على مقوّماته ومصيره إذ الاتّحاد سوف لن يفيد الشعب في شيء إن هو بقيّ على الربوة ينتظر نحت مستقبل قد يضرّب الوطن  وهو غائب ينظر نظرة العاجز الذي لا حول له ولا قوّة مثله مثل النهضة التي أجمعت كلّ القوى الحيّة على عزلها…
هذا إذا لم يكن للاتّحاد طريق آخر لا يعلم إلّا الله إلى أين سيأخذ البلاد التي ساهم في بنائها أمجاد الاتّحاد وسواعد العمّال..

المصدر : الصريح

Load More Related Articles
Load More By Assarih

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *