خبيرا قانون: ‘مشروع دستور الرئيس.. فصول مبهمة وصلاحيات مطلقة’

قال عطيل الظريف خلال استضافته في برنامج ”ميدي شو” اليوم الاثنين أستاذ القانون الدستوري 4 جوان 2022 إنّ الرئيس المنسق العام للجنة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة العميد الصادق بلعيد وعضو الهيئة الاستشارية لجمهورية جديدة أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ اللذين أعلنا تبرّأهما من مشروع الدستور المنشور في الرائد الرسمي كانا يعلمان أن الهيئة استشارية ورئيس الجمهورية له الكلمة الفصل في الموضوع.

وأضاف “ما حدث أن قيس سعيد قدم نصا كتبه واستعان باستشارة الكترونية لم تكن واسعة ثم بلجنة لا تلزمه وسيتجه للشعب للاستفتاء”، متابعا “كلّ اللوم على بلعيد ومحفوظ على مشاركتهما في اللجنة”.

فصول متناقضة ومكرّرة وأخرى مبهمة

وأوضح الظريف أنه كان يفترض نشر مشروع الدستور قبل فترة كافية لتصل المعلومة للناخب وللمختصين ليتمكنوا من فهمه، متسائلا “لماذا الإصرار على القيام بالأشياء في اللحظة الأخيرة؟ استعجال الرئيس خلق نوعا من التناقض في الفصول وأخرى مبهمة مع تكرار بعضها وأخطاء قد تقلّص ثقة الناخب في مشروع الدستور”.

وشدّد ضيف “ميدي شو” على أن عدد كبير من الفصول تمت كتابتها دون تركيز وبسرعة وهو ما أفقد مشروع الدستور قيمته، مستدركا “كان من المحبذ لو تم إصدار دستور يليق أكثر بتونس”. 

الفصل 139.. إمّا زلة قلم أو وراءه نيّة مبيتة

وفي سياق متصل، بيّن أستاذ القانون الدستوري أنّ بعض الفصول أثارت العديد من التساؤلات على غرار الفصل 139 الذي يحدّد دخول الدستور حيز التطبيق ابتداء من تاريخ الإعلان النهائي عن نتيجة الاستفتاء من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أي يوم 25 جويلية الجاري.

وقال “الفصل لم أفهمه لأن القانون يمر عبر مرحلتين هما دخوله حيز التنفيذ ليصبح ملزما ثم الدخول حيز التطبيق بعد المرور بانتخابات وهياكل وهناك نصوص تضبط تطبيقه.. لكن هناك تناقض في الفصل 139 فأن ينشر يعني أنه عرض للإعلام في انتظار المصادقة عليه وبالتالي الأصح الحديث عن حيز التنفيذ وليس التطبيق”.

وتابع “إن لم تكن زلة قلم وخطأ فهناك نيّة مبيتة فلا يمكن الحديث عن حيز التطبيق.. ونخشى أنه سيطبق مشروع الدستور بمجرد انتهاء الاستفتاء بغض النظر عن النتيجة إن كانت موافقة أو معارضة”.

رئيس الجمهورية شمس والكواكب تدور في فلكه

كما تطرّق عطيل الظريف إلى توطئة مشروع الدستور، مؤكّدا أن رئيس الجمهورية يحتلّ فيها وفي عديد الفصول مكانة مركزية “فهو محور النظام الرئاسي وكأننا أمام شمس والكواكب تدور في فلكه” حسب تعبيره.

بلعيد ومحفوظ ارتكبا خطأ بالمشاركة في اللجنة الاستشارية

من جانبه أكّد محمد الصحبي الخلفاوي الباحث في العلوم السياسية أنه لم يستغرب عدم اعتماد نسخة الهيئة الاستشارية وأنّ الرئيس المنسق العام للجنة الاستشارية من أجل جمهورية جديدة العميد الصادق بلعيد وعضو الهيئة الاستشارية لجمهورية جديدة أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ ارتكبا خطأ عندما وافقا على المضيّ في هذا المشروع لأنّه كان جليّا منذ البداية أن رئيس الجمهورية ماض في تنفيذ برنامج رسمه منذ 2011.

وأكّد أن سعيّد كان يسعى لتمرير مشروع البناء القاعدي وصرّح بذلك في عديد المناسبات “وإن قمنا بمقارنة بين مسودّة اللجنة الاستشارية ومشروع الدستوري المنشور في الرائد الرسمي لتبيّنا أنّ كلّ العوائق التي تحول دون إرساء البناء القاعدي تمّ حذفها من الفصول”.

وقال محمد الصحبي الخلفاوي “شخصيا لم أستغرب نشر نسخة الرئيس في الرائد الرسمي وذلك دليل على مضيّ الرئيس في مشروعه لبناء حكم فردي وليس جمهورية جديدة.. قيس سعيّد هو الفاعل السياسي الوحيد في الساحة منذ 25 جويلية ومعارضوه لم يكن لهم قوة الفعل ولم يتمكنوا من افتكاك المبادرة”.

وتابع ضيف “ميدي شو” في مداخلته أنّ ما قام به رئيس الجمهورية غير مفاجئ لأن ما تحدث عنه لسنوات طبقه وحافظ في ذلك على نسقه منذ 2011 ولن يغيره مستقبلا خاصة انه يعوّل على المساندة الشعبية له، لافتا إلى أنّ سعيّد لن يتوقف عن تركيز مشروعه بعد الاستفتاء بل سيمضي قدما في تنفيذ رغباته والتفرّد بكل السلط، على حدّ قوله.

واعتبر الباحث في العلوم السياسية أنّ سحب كلمة انتخاب مباشر لمجلس الشعب يعدّ مسألة خطيرة جدا، مضيفا “الرئيس يدرك أن الانتخاب المباشر ضرب لقاعدة البناء القاعدي الذي يرغب في ترسيخه لهذا حذفه”.

“نظام قيس سعيّد إمبراطوري بدستور”

كما شدّد الخلفاوي على أنّ الصلاحيات المطلقة التي منحها رئيس الجمهورية لنفسه تحيل على “النظام الإمبراطوري لكن بدستور” ، معتبرا أنه استحوذ على التسميات والمسارات التنفيذية والتشريعية والقضائية كما سحب فكرة السلطة وحوّلها إلى وظائف إلى جانب عديد الفخاخ في باب الحقوق والحريات.

واستدرك “مشروع الدستور الذي صاغه قيس سعيّد لم يكن لمستقبل البلاد بل لإعادة كتابة المرسوم عدد 117 في شكل دستور يطبّق” وفق تعبيره.

السلطة المطلقة مفسدة مطلقة

ولفت ضيف “ميدي شو” إلى أنّ خرق القانون لم يبدأ بمشروع الدستور المنشور في الرائد الرسمي بل منذ 25 جويلية، متسائلا “كيف أثق في نية رئيس الدولة واحترامه للديمقراطية في حين انه يمنح نفسه كل هذه الصلاحيات وهو قادر على اتخاذ كل القرارات وهو ما يذكرنا بمقولة “السلطة المطلقة مفسدة مطلقة”..  لا يجب إغفال حقيقة ان السلطة المطلقة تؤدي إلى الاستبداد”.

وأشار إلى عدم ديمقراطية في العالم تتمركز فيها كلّ السلط بيد الرئيس كما فعل قيس سعيّد وأن كلّ الأنظمة التي قامت بذلك انتهى بها الأمر إلى مسارات كارثية والنهاية كانت سيئة، قائلا “يجب ان نستدلّ من المقارانات وأنه مهما كان  الدعم الشعبي إن لم يتم تحصين الدولة بقرارات سياسية ودستورية فالنهايات ستكون خطيرة”.
 

المصدر : موزاييك ف م

Load More Related Articles
Load More By Mosaique Fm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *