نادل في العطل وتلميذ خارجها منذ سنّ الـ15.. هذا طموح خليل الجامعي

لطالما اُعْتُبِر النّجاح، في مجال ما، مقياساً قيميّاً لتقييم حياة شخص أو جزء منها، ليرتبط بمفاهيم فلسفيّة أخرى، كالسّعادة والطمأنينة والإرادة والعزيمة، وغيرها، في علاقة سببيّة تكون إحدى تلك المفاهيم سبباً أو نتيجة لما سبقها أو لما سيليها. وعادة ما ارتبط النّجاح بممهداته وعوامله المشجّعة وبيئته الخاصّة به، وإذا تحقّق وسط الصّعاب فإنّنا بصدد الحديث عن استثناء.

وما قصّة خليل العظيمي(19 سنة)، إلاّ نموذجاً يحتذى به، في زمن بات فيه التميّز الدراسيّ مرتبطاً بعامل ماديّ مشجّع في جلّ الأحوال.

يقول خليل “انطلقت في العمل في أيام العطل، من أجل توفير ما أحتاجه طوال السّنة الدراسيّة، لإعانة عائلتي، منذ سن الخامسة عشر”.

رحلة جال فيها خليل بين مقاهي وقاعات شاي عديدة، في القصرين، بالتوازي مع مسيرته الدّراسيّة الّتي توّجها بالنّجاح في مناظرة البكالوريا، دورة جوان 2022.

بابتسامة شفّافة لا تفارق ثغره، وبنظرة تخفي الكثير من التّحدي، بدأ خليل اليوم، في العمل، كعادته، ومنذ سنوات، داخل أحد مقاهي مدينة القصرين، بعد تلقّيه نتيجة نجاحه منذ أسابيع قليلة.

 يتنقّل بين طاولات الحرفاء بجسده الريّاضي، وبكلمات قليلة تسمع منه، لترحّب بزوّار المقهى تارة، وتودّعهم، بانتهاء مكوثهم بين أركانها، تارة أخرى، فخوراً بنجاحه المدرسيّ.

يضيف، في استراحة خاطفة فرضها عليه ريبورتاج موزاييك: “كان بإمكاني تحقيق معدّل أفضل، لكن للأسف نتيجة اختبار الفيزياء لم تكن كما أتوقّع، أتمنّى أن أوفّق في مساري الجامعيّ الآن”.

ينوي خليل الالتحاق بإحدى الأكاديميّات العسكريّة أو دراسة الإلكترونيك، في الجامعة، وعليه مضاعفة العمل صيفاً، لتحصيل كلفة التنقّل والتّرسيم والدّراسات العليا، فمصاريف الجامعة تمثّل أضعاف ما كان ينفقه على نفسه وعلى  عائلته، في سنوات عمله الأخيرة.

عادة ما ارتبط المقهى بالتّرفيه، لكن بين ظهرانيه تعشّش قصص تنسج من واقع الحياة، قد تخفي تفاصيلها المجهريّة ملاحمَ وعِبَرًا، يخوضها الفرد، مُجبراً أو مقنعاً، بحثاً عن سبيل لتحقيق أهدافه، إيماناً بمصعد اجتماعيّ، قد يتعطّل، لكنّه يبقى بوصلة شريحة واسعة، لا محراب لها إلاّ قداسة التّعليم  وعموميّة الجامعة، وما قصّة خليل “نادل النّجاح”، إلاّ عيّنة تدعم ما ذهب إليه الفيلسوف الألماني أرتور شوبنهاور عندما قال: “الإرادة هي الفكرة، والعزيمة هي الرّوح”.

برهان اليحياوي.

المصدر : موزاييك ف م

Load More Related Articles
Load More By Mosaique Fm

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *