الأمين الشابي يكتب: حتّى يبقى الاتحاد خيمة تُجمع ولا تُفرّق…وعنصر توازن؟

كتب: الأمين الشابي

دون مقدمات ودون كلام ‘فاضي’ دعنا نقولها أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل له مكانته عبر التاريخ في وجدان التونسي عموما والشغالين على وجه الخصوص…

ولا يخفى على أحد محطات النضال التي خاضها سواء في فترة الاستعمار وما قدمه من تضحيات أو في فترة البناء و التشييد لوطنا العزيز في بداية استقلال البلاد أو مرورا بما تشهده هذه القلعة النضالية من مواقف مشرفة اليوم وغدا.
ولكن هذا الكلام الجميل والحقيقي في حق الاتحاد، لا يجعلنا نغض الطرف على بعض مواقفه و قراراته وذلك محبة فيه و خوفا عليه حتّى يظل كما عهدناه دائما قلعة للنضال وسدّا منيعا بما يمثله من عنصر توازن على الساحة الوطنية عموما وخيمة تجمع
ولا تفرّق.

حتّى لا يتّم استغلال مواقف الاتحاد وتوظيفها

للأسف، و نقولها بكلّ مرارة، و أنّ بعض الجهات تعمل على استغلال مواقف الاتحاد الأخيرة سواء المتعلقة برفضه المشاركة في الحوار أو اتخاذ قرارات الاضراب أو تحركاته الأخيرة،
وهذه الجهات، لا تتوانى عن صب الزيت على النيران المشتعلة أصلا لتزيدها التهابا واشتعالا.
وبالتالي مهما كانت الأسباب الموضوعية التي يعلّل بها الاتحاد إضرابه الأخير تحت يافطة الدفاع عن الأجراء و تدهور مقدرتهم الشرائية أو إلغاء المنشور عدد 20 – و قد يكون محقّا في كلّ ذلك – فكل هذه الأسباب و الدوافع ليست بالأولوية المطلقة أمام المرحلة الانتقالية والحرجة التي يمرّ بها وطننا خاصة وهو يحاول القطع مع العشرية المضنية التي عانى منها الوطن والشعب و كلّ مؤسسات الدولة، من سطوة على السلطة و ديمقراطية مغشوشة، قوامها نهب خيرات البلاد وتفقير الوطن و القضاء على أركان الدولة و كل الصفقات المشبوهة التي ارتكبت في حق الوطن..مع تشتت السلطة و تفتيتها وعدم تحمّل المسؤولية من أيّ طرف.

الوطن أوّلا وأخيرا

وما نريد قوله من وراء كلّ هذا، أنّ الاتحاد، ربما قد أخطأ في التوقيت لمثل هذا الحراك والمواقف، لأنّه بطريقة غير مباشرة خدم  مصالح من لا يهمهم إلاّ مصالحهم الضيقة و لو كان ذلك على حساب الوطن و الشعب و تقويض أركان الدولة، و الشواهد عليهم عديدة لعلّ أهمّها التمسح على عتبات الأجنبي للتدخل في شؤوننا الداخلية وإطلاق أصوات الدعاية و أصوات الخيانة لقلب الكثير من الحقائق من أجل العودة من جديد لتخريب البلاد و السيطرة على مقدراته و لو بالاشتراك مع المستعمر و قوى الرّدة.
من هذه الزاوية نحن نعتب على اتحادنا حتّى لا يقع في فخّ المناوئين لوطننا العزيز وبالتالي نرجو ـ وبكل الاحترام الذي نكنّه لهذا الصرح العظيم ـ واحتراما لمن ضحوا في سبيل الوطن وفي سبيل الاتحاد وعلى رأسهم المرحوم و الزعيم فرحات حشاد، أن يكون الاتحاد في مستوى المرحلة التي تمرّ بها البلاد ويقتنص اللحظة ويفوّت على أعداء الوطن كلّ مخططاتهم الدنيئة وذلك بإرجاء كل هذه التحركات إلى وقت لاحق تفاديا لاختلاط كلّ الأوراق، خاصة وأنّه منذ اللحظات الأولى كان موقفه مشرفا في تأييده لحراك 25 جويلية.

تقديم مصلحة الوطن من شيم الكبار

الوطن هو الأساس و هو السقف الذي دونه سيكون مآلنا التشرد بين البلدان والشواهد كثيرة في هذا المجال، فسوريا و العراق و اليمن أمثلة حيّة على معاناة هذه الشعوب تبعا لما يجري في بلادهم.
وعليه نعتبر تقديم مصلحة الوطن من شيم الكبار، و قلعة الاتحاد هي عنوان لهذه الصفات و الشيم. و هذا لا يعدّ أبدا تراجعا بل فقط اعتبار و أنّ مصلحة الوطن فوق كل المصالح  الأخرى ،و ذلك من أجل سحب البساط من تحت أقدام من يعوّل على الاتحاد و دفعه نحو المجهول لغاية في نفس يعقوب. وهذا لا يعني أن اتحادنا العتيد قد انزلق في مثل هذه الألاعيب بل الطرف الآخر هو من يسوّق لذلك، بعد أن أصابه اليأس و سدت كل الأبواب التي طرقها أمامهم و بالتالي لم يبق  أمام هذا الطرف المناوئ  إلاّ الاتحاد الذي يراه بمثابة القشة التي ستنجيه قبل الغرق.
والفرصة، صراحة، مازالت قائمة أمام منظمتنا العتيدة لاتخاذ الإجراءات المناسبة التي تخدم مصلحة الوطن العليا لا الأشخاص أو الأحزاب التي أثبت الزمن والتجربة فشلها بعد عشرية مرعبة كادت أن تأتي على الأخضر و اليابس.

رغم أنّ الاتحاد له ما له، وعليه ما عليه ككل المؤسسات، إلاّ أنّ التاريخ أثبت المواقف الصحيحة التي يتخذها هذا الصرح الكبير في المحطات الكبرى الوطنية خاصة إذا ما كان الأمر يخدم مصالح الوطن والشعب و مؤسسات الدولة، لأنّ الإضرابات هي وسيلة ـ مشروعة للدفاع عن حقوق منخرطيه ـ ولكن ليست هدفا في حدّ ذاتها.
وبالتالي، أملنا  كبير في قلعة النضال من أن يعدّل الاتحاد أوتاره تماهيا مع مصلحة الوطن لأنّ الأشخاص تمرّ ويبقى الوطن شامخا وتاريخ رجالاته ومواقفها في عمق الوجدان الشعبي يذكرها التاريخ.

المصدر : الصريح

Load More Related Articles
Load More By Assarih

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *